محاضرة "ولكنم تستعجلون"
للشيخ د. محمد العريفي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين أحمده سبحانه وأشكره وأثني عليه وأستغفره وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له جل عن الشبيه والمثيل والكفء والنظير وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وصفيه وخليله وخيرته من خلقه وأمينه على وحيه أرسله ربه رحمة للعالمين وحجة على العباد أجمعين فصلوات ربي وسلامه عليه ما ذكره الذاكرون الأبرار وصلوات الله وسلامه عليه ما تعاقب الليل والنهار واسأل الله تعالى أن يجعلنا جميعا من صالح أمته وأن يحشرنا يوم القيامة في زمرته ، أما بعد أيها الإخوة والأخوات أحمد الله عز وجل الذي يسر لنا هذا اللقاء في بيت من بيوت الله واسأل الله جل في علاه أن يجعلنا جميعا في هذا المسجد المبارك ممن تحفهم الملائكة وتغشاهم الرحمة ويذكرهم الله فيمن عنده كما اسأل الله تعالى أن يجعل جائزتنا عند تفرقنا أن يُقال لنا جميعا قوموا مغفورا لكم وما ذلك على الله تعالى بعزيز .
أيها الأحبة الكرام شرع الله تعالى هذا الدين لأجل أن يبقى وأن يكون هو الدين الذي تُحكم به الأرض كما قال الله عز وجل :" هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ – أرسله بماذا؟ أرسله بشيئين : "بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ "، بالهدى يعني في الأمور الاجتماعية : أحسن الأحكام هي أحكام الطلاق وأحكام النكاح وأحكام البيوع والأحكام الأمنية والأحكام الاجتماعية التي جاء بها الإسلام لذلك حتى الدول التي لا تحكم بهذه النظم أعني النظم الإسلامية بدأت ترجع إليها خاصة في الأزمات المالية وفي غيرها فقال الله عز وجل :" هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ" في الأمور الاعتقادية أنه وحده عز وجل المعبود لا شريك له " وَدِينِ الْحَقِّ" لماذا؟ " لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ" لأجل أن يظهره على الدين اليهودي والدين النصراني والدين البوذي فيصبح هذا الدين أعني الإسلام هو الدين المسيطر على جميع الأديان . وعد الله تعالى المؤمنين المسلمين بنصره كما قال الله عز وجل :" يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّـهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّـهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ .." 32 التوبة. مهما كادوا وعملوا سواء بحرب إعلامية أو بحرب عسكرية أو إشاعات مهما كادوا وعملوا إلا أن الله تعالى تكفل بنصرة هذا الدين وقال الله عز وجل :" ... وَلَيَنصُرَنَّ اللَّـهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ.." 40 الحج. وقال سبحانه :" كَتَبَ اللَّـهُ – كتب يعني قضى الله سبحانه وتعالى
- لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي ۚ إِنَّ اللَّـهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴿21﴾ المجادلة. لأغلبن أنا وليغلبن رسلي سواء في حياة الرسل أو بعد مماتهم كتب الله تعالى أن يغلب دينهم وأن يغلب شرعهم على جميع الشرائع. وقال عز وجل :" حَتَّىٰ إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ "يعني في الأمم السابقة أقبل الرسل وأصبح الواحد منهم يجلس عند قومه ربما عشرين سنة وثلاثين سنة ومائة سنة وتسعمائة سنة ولا يسلمون ولا يدخلون في الإيمان فكأن الرسل يئسوا من إسلام أقوامهم وأقوامهم قالوا للرسل أنتم كذابون تقولون سيأتينا عذاب وما جاءنا عذاب صار لك يا نوح تسعمائة سنة تدعونا ونحن نكذبك وما جاءنا عذاب ، أنت يا شعيب صار لك عشرات السنين وأنت يا لوط كذلك ما جاءنا عذاب فقال الله عز وجل :" حَتَّىٰ إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ – استيأس الرسل من إيمان قومهم - وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا – ظن قومهم أن رسلهم كذبوهم لما خوفوهم بالعذاب- جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاءُ ۖ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ﴿110﴾ يوسف. وقال الله عز وجل :" فَانتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا ۖ- ثم قال : - وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ﴿47﴾ الروم. وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ .
والله عز وجل إذا قال وكان حقا علينا يعني ألزم نفسه سبحانه وتعالى أن ينصر المؤمنين أينما كانوا سواء كانوا في مكة أو كانوا في غزة أو كانوا في العراق أو كانوا في أفغانستان أو في الشيشان أو في الصومال أو في أي مكان سواء كانوا في مكان يجتمع فيه الناس أو لا يجتمعون .. سواء كانوا في زمان متقدم أو متأخر ." وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ".