هدهد سليمان

محاضرة هدهد سليمان|الشيخ محمد العريفي|
كان سليمان نبيا ملكا عنده الحرس والجنود والقصور والأموال وكل من يحميه ويخدمه والخدم والحشم وهنا ورثه من داوود ورث منه النبوة ،فقال جل وعلى: -[وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ...]- ؟نفهم كلام الطير؟ -[...وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ...]- أوتينا من الأموال ومن الأرائك ومن الخدم والحشم والجنود والقصور والدواب -[...وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ ]- [ النمل/16].هذا فضل رب العالمين علينا 
-[وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ...]- ؟هذه أنواع الجنود؟ -[...وَالْإِنسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ]- [ النمل/17 ] . "يوزعون: يعني من زحامهم وكثرتهم يدفع بعضهم بعضا"
من شدة الزحام .كما قال الأول:زَعِ الفؤاد عن الدنيا وزينتها يعني ادفع الفؤاد عن الدنيا فهؤلاء من شدة زحامهم كل واحد يدفع الثاني يقول عجل بسرعة زحام -[وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ]- [ النمل/17 ] . وجعل يمشي بهم -[حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ]-"وادي لكثرة بيوت النمل فيه سمي وادي النمل"كما يسمى وادي الغضى لكثرة أشجار الغضى مثلا او وادي التين لكثرة ثمار التين فيه مثلا . -[حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ...]- أقبل هذا الجيش بكثرته وبيوت النمل على الأرض وفي مخابئ الصخور وقد خرج النمل يطلب الحاجات ويبحث عن طعام وعن رزق فأقبل هذا الجيش لما اقبل -[...قَالَتْ نَمْلَة...]- التي هي الرئيسة على قولها وهي الملكة هذه النملة نادت وأمرت وعللت واعتذرت. نادت : -[...يَا أَيُّهَا النَّمْلُ]- فالتفت النمل إليها إذا هي لا تقصد إلا النمل لا تقصد بقية الحيوانات أو بقية الحشرات-[يَا أَيُّهَا النَّمْلُ...]- ؟ماذا تريدين؟ -[...ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ...]- أمر وحتى لا تقول بقية النمل لماذا ندخل مساكننا لم ينتهي الدوام بعد نحن لا ينتهي دوامنا إلا مع غروب الشمس فلماذا ندخل من الآن إلى المساكن ما هذا التحكم لماذا تلزمينا بذلك حتى لا تعترض النمل عليها عللت قالت:-[...لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ...]- ثم لأجل أن لا يقول النمل لماذا يحطمنا ؟ما هذا الظلم؟ لماذا يتسلط علينا؟قالت: -[...وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ]-[النمل/18]. هذه النملة أعقل من بعض الناس اليوم النملة لما أمرت عللت بينت السبب في أمرها .بعض الناس في يومنا هذا مثلا أب يقول لولده من اليوم لا تمشي مع فلان فالولد من حقه معرفة السبب له الحق أن يسال من حقه أنك تحترم عقله يا أخي هو ليس جهاز تقفله متى شئت وتفتحه متى شئت فيقول الولد:لماذا؟فيقول الأب:ليس شأنك إن شاهدتك تمشي معه لأفعلن كذا. من حق الولد أن يعرف السبب من حقي أن تحترم عقلي بين لي العلة. فمثلا اذا كنت امشي مع احد وقلت لنصلي في هذا المسجد ،فقلت لك دعنا نصلي في مسجد ثاني ستسأل لماذا؟ فأبين لك السبب إما لا يوجد موضأ ،أو المسجد الثاني صوته أحسن وما شابه ذلك. كذلك المدير مع الموظفين إذا أقبل إليه موظف وطبع إليه أوراقا وقال له: تفضل من اجل أن يوقع عليها ،فمزقها المدير وقال له:اطبع نسخة ثانية ،فسأله الموظف: لماذا؟ فأمره المدير بالتنفيذ وإما الفصل. يا أخي من حقي أنك تبين لي السبب نحن لسنا أجهزة صم نحن لنا عقول احترم عقولنا يا أخي. كذلك أنت لما تتعامل مع الناس تريد أن تربي أولادك تربية حقيقية، تريد أن تتعامل مع زملائك ويحترمونك ،تريد زوجتك تحترمك احترم عقولهم أمرتهم بأمر قالوا لك لماذا ؟من حقهم أن يقولوا لك لماذا؟فمثلا إمام مسجد يريد أن يغير شيئا معينا في المسجد ،أو قال للناس سنبدأ ننتظر بعد صلاة الفجر بدل خمسة وعشرين دقيقة أربعين دقيقة فإذا سأله احد لماذا يا شيخ؟ فليس من حق الإمام أن يقول له أنا الإمام وكلامي هو المسموع. من حق الناس أن يعرفوا كان يقول: لأن بعض الناس يتأخر لأننا نريد فعل شيء مثلا ،فمن حق الناس أن تحترم عقولهم. فهنا النملة قالت: -[يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ]- نملة تحترم نمل ألا يحق لآدميين أن يحترموا آدميين مثلهم. أمرتهم وبينت السبب -[قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ...]- ؟ثم من حسن ظنها بسليمان اعتذرت؟ قالت: -[...وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ]-[ النمل/18] . وكأن النملة تقول للنمل سليمان ليس ظالما سليمان رجل طيب لا يقصد أذاكم لا يقصد قتلكم لا يقصد هدم بيوتكم لكنه لا يشعر بكم فهذا العدل نحتاجه نحن أيضا. إذا كنت تعلم عذرا لأحد ووقع في خطأ معين أو تصرف تصرفا معينا أو تأخر عن دوام فمن حق أخيك المسلم عليك أن تبين عذره وأن تدافع عنه قالت: -[وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ]- لما سمع سليمان عليه السلام ذلك حمد ربه أنه هو البشر وهي النملة
أنني لست نملة مثلها وحمد ربه أنه فهم كلامها بينما غيره لم يفهم كلامها وحمد ربه أنه هو القوي وهي الضعيفة فقال جل وعلى هنا :
-[فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً مِّن قَوْلِهَا...]- ومباشرة لم يعجب بنفسه وقال أنا قوي فهمت كلامها ،أنا اعرف كل شيء وأفهم كل شيء فقال: -[...وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ...]-[النمل من الآية19]. رب أوزعني:أي ربي وفقني"أن اشكر نعمتك ، نعمة الملك، نعمة المال ،نعمة الصحة ،ونعمة الولد،ونعمة الجنود والخدم والحشم كل هذه نعم يارب ،يارب وفقني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي لأني بشكري لهذه النعمة تبقى النعمة عندي وتقر ،أما إذا كفرتها وادعيت القوة بنفسي فإن النعمة تفر. وسليمان عليه السلام من صفاته أنه كلما رأى نعمة شكر الله عليها. في أول الآيات: -[وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْماً وَقَالَا...]- ؟ماذا؟ -[...الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِّنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ]- [ النمل/15] . وقال الله: -[وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ]- [ النمل/16]. كل شيء يعيده سليمان إلى الله .
وفي قصة العرش لما جاء إليه لما قال أيكم يأتني بعرشها قال الله : -[ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ...]- أتوا بالعرش من اليمن إلى فلسطين في لمحة عين جاءه هذا العرش -[...قَالَ هَـذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ]-[النمل]. وعندما سمع كلام نملة مباشرة قال: -[ وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ]- [النمل]. كلما كان الإنسان أكثر شكرا للنعمة قرة النعمة عنده وانتفع بها إذا دخلت إلى بيتك ورأيت أولادك سالمين قل رب أوزعني أن اشكر نعمتك لأنه ممكن شخص آخر ممكن أن يكونوا أولادهم كلهم معوقين لا يستطيع الواحد منهم يحرك إلا لسانه، أذكر ذهبت مرة إلى احد المناطق في احد البلدان فخرجنا مرة في البر قريب من البلدة التي نحن موجودين فيها من أجل الغداء وعند الانتهاء من الغداء قلت لأحد الزملاء: ما رأيك بأن نمر على أحد البيوت لنتصدق فاستجاب الزميل وقمنا لنمشي وفي هذه القرية القديمة مررنا على أحد البيوت فوجدت طفلا جالسا عند الباب فسألته عن والده ،فقال: لا أعلم فسألته عن أمه فخرجت إلينا امرأة واضح عليها الفقر والبيت أيضا كله واضح عليه الفقر فسألتها عن زوجها فقالت: أنه مسجون بسبب دين ،أعطيتها ما تيسر .ثم مررنا بامرأة واقفة عند بابها أيضا أو نحن طرقنا الباب فخرجت إلينا واضح عليهم الفقر فسألتها عن زوجها فقالت:...زوجي متوفى فقلت:...أين أولادك؟ قالت:...أولادي في الداخل فقلت:...هل من الممكن أن يخرج أحد من الأولاد قالت:...لا يستطيعون ،أدخل أنت لتراهم تعجبت!فدخلت ،فإذا بأربعة أولاد أكبرهم عمره خمسة عشر سنة وإذا كلهم معوقين شلل رباعي مبطوحين على بطونهم رؤوسهم الأربعة متقابلة وفي الوسط أنواع من الطعام كالجزر المسلوق مقطع شرائح ،كوسا،باذنجان ويأكلون بأفواههم لأنه لا يستطيع تحريك يده،فتأثرت كثيرا ،فقلت:...يا أختي هؤلاء أولادك فقالت:...نعم، واضح من الرائحة أنهم ليس لهم حفائظ ولا أي شيء قلت:...يا أختي تركتيهم على هذا الحال فبكت وقالت:...طيب أنا ماذا أفعل أنا ليس عندي في هذه الدنيا إلى الستة متر في الستة متر التي أمام البيت التي زرعت فيها هذه الخضار حتى أطعمهم أنا لا أتفرغ لهم أو للخضار أو أنظف البيت أو أغسلهم أو أغير لهم قالت: هؤلاء أولادي ولدوا هكذا ومنذ أن ولدوا وأنا أكابدهم إلى هذه الساعة.فقلت:-[رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ]- إذا رجعوا أولادك من سفر ورجعت معهم سالمين غانمين قل: -[رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ]- غيرك يحال بينه وبين هذا .
مرة كان عندي محاضرة بالمدينة فقال لي أحد الإخوة هناك ما رأيك أن نزور الدكتور فلان وأنا لا أعرفه فتعجبت فقلت:...نزوره لأجل ماذا لماذا اخرته؟ فقال:...نريد أن نعزيه أنا ظننت أننا سنعزيه في أمه أو أبيه أو زوجته أو أحد أبنائه، قلت:...نعزيه في من فقال:...يا شيخ هذا الدكتور يُدَرِس في الجامعة وابنه الكبير عمره أربع وعشرين سنة تقريبا فخرج ولده الكبير بالسيارة الجومس مع العائلة كاملة والأم احدى عشر شخصا لحضور فرح في القصيم فلما قفلوا راجعين الأب يتابع معهم عن طريق الاتصالات لأنه بقي في المدينة بسبب عمله يا بني لا تسرع ،لا تنام .ولما بقي على المدينة قرابة 200كيلو أصيبوا بحادث وماتوا كلهم،الرجل وصله الخبر كاد أن يجن هؤلاء أولاده ليس سيارة تتعوض أو ساعة أو ثوب كاد أن يجن جعل ينادي بأسمائهم ذهب إلى هناك لكنه أدركهم بعد ما جيء بهم إلى المستشفى وصلى عليهم بالمسجد ودفنهم بيده واحدا واحدا. يقول:والله يا شيخ صعدت إلى غرفة نومي بعد يومين من العزاء وأجد السرير غير مرتب لأن التي كانت ترتب السرير ماتت ،يقول أنظر في الصالة فإذا مجموعة ألعاب مبعثرة لأن الذين كانوا يلعبون بالألعاب ماتوا أخرج للحوش فأجد الدراجة ملقاة على جنب لأنه الذي كان يلعب بالدراجة مات ويبكي احمد ربك يا أخي قل: -[رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ]-. أنت الآن ترفع يدك وتتغدى وتتعشى أنتم تغديتم عن طريق أفواهكم والله العظيم في ناس يتغذون عشرين سنة عن طريق أنفه أنابيب تدخل إلى الأنف ويضعون فيها كأس حليب وهكذا يتغدون ويتعشون غيرك لا يستطيع أن ينقلب من جهة إلى جهة يريد أحد يقلبه قل: -[رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ]-. أنت تدخل لدورة المياه عادي وغيرك قصة طويلة حتى يدخل إليها قل: -[رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ]-. كلما رأيت نعمة احمد الله عليها إذا كنت في نعمة فارعها فإن المعاصي تزيل النعم -[وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ]- [ابراهيم]. انتبه لا تستعمل النعمة في معصية. سليمان عليه السلام هنا يقول : -[رَبِّ أَوْزِعْنِي...]- أوزعني:وفقني -[...أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ...]- ثم قال: -[...وَعَلَى وَالِدَيَّ]-. يعني منذ أن كنت طفلا صغيرا وأنت نعمك تَتْرَى علي أنت تنعم علي منذ الصغر على والدي سترتني وربيتني وسلمتني من الآفات وشفيتني من الأمراض -[رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ]-. والنبي صلى الله عليه وسلم يقول:{إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها ويشرب الشرب فيحمده عليها}.
الله تعالى يريد لما يعطينا نعمة من النعم لا يريد جل وعلا أن نقدم له خدمات البشر الآن ربما يعطون لك بعض النعم وبعض الخدمات لأجل أن تردها إليهم أما رب العالمين يريد منك شكره يريد أن يسمع منك الحمد لله. إذا أكلت فقل:الحمد لله إذا شربت قل:الحمد لله ،الإنسان استيقظ من نومه الحمد لله خرج من بيته دخل إلى بيته ليكن الحمد لله على لسانك دائما .يقول عليه الصلاة والسلام: {الحمد لله تملأ الميزان}. وهنا يقول سليمان عليه السلام:-[رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ]- أني أعمل بالنعمة التي أعطيتني صالحا ترضاه. يا رب أنت أعطيتني بصر، -[أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ]- على بصري لأنه يوجد ناس يعمل ببصره المعصية،أعطيتني يا رب نعمة سمع، -[أَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ]- أعطيتني نعمة لسان أوزعني أن أعمل صالحا ترضاه،أعطيتني مالا أوزعني يا رب أن أعمل صالحا لا أريد أشتري بالحرام أو أن آكل بالحرام أو أدخن يا رب أعطيتني زوجة أعطيتني ذرية أعطيتني سيارة أوزعني أن أعمل صالحا أني لا اعمل معصية أعوذ بك يا رب أن يكون مالي سبب دخولي إلى النار ،أو عيني سبب دخولي إلى النار،أو أذني سبب دخولي إلى النار ،أو لساني سبب أني أزل في النار،أعوذ بك يا رب من ذلك،-[رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ...]- ثم قال : -[...وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ]- ؟ليس بعملي؟ -[ ِبرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ]- [النمل/19]. يقول عليه الصلاة والسلام:{إنه لن يدخل أحدكم الجنة بعمله،فقالوا يا رسول الله ولا أنت قال : ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته}. لذلك سليمان يقول أدخلني برحمتك أنا الفقير أنا المحتاج ارحمني يا ربي، -[وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ]- ثم أن سليمان عليه السلام جعل يتفقد الطيور ويتفقد الجند والإنس والجن:-[وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ...]- ؟يوجد واحد غائب؟ -[...مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ]- [ النمل/20]. ؟كيف يغيب الهدهد دون إخباري؟-[لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَاباً شَدِيداً]- ؟"قيل يعني أنتف ريشه وأتركه حتى موت"من أجل أن يتأدب وأن لا يذهب مرة ثانية بدون أن يستأذن الملك؟ -[لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَاباً شَدِيداً أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ...]- ثم قال: -[...أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ]- [ النمل/21]. إلا أن يأتيني بعذر يخبرني بسبب تغيبه.الهدهد أين ذهب؟ الهدهد أيها الأكارم خرج من فلسطين واتجه جنوبا وجعل يطير يطير جنوبا حتى تعدى الأردن وتعدى جزيرة العرب وجعل يطير يطير حتى وصل الهدهد إلى اليمن رأى أنهارا وجبالا وقصورا ووديان وعجائب لم يشده كل هذا الذي شده أنه رأى امرأة تسجد للشمس قال كيف يعبدون غير الله .-[فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ...]- ؟أي الهدهد؟ -[...أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ...]- ؟أنا عندي معلومة ليست عندك؟ -[...وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ]- [النمل/22]. أنا جئتك بنبأ متأكد منه ليست إشاعات ولا يقولون أنا جئتك بكلام أنا متأكد لم يأتي لسليمان وقال: أنا ما أدري يا نبي الله رأيتهم ينحنون ظهورهم لا أدري هل قصدهم عبادة الشمس أو يتمرنون لا أدري هل هي الملكة عليهم أو بنت الملك والملك غائب لم يأتي لسليمان ويقول: أنا لا أدري غير متأكد ؟ لا جاء بنبأ يقين وأنت أيضا إذا أردت أن تنقل خبرا احرص أن لا تنقل إلا خبرا تاما أكيدا يقينا متأكدا منه.-[إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ...]- ؟طيب عادي ما هو الغريب يا هدهد امرأة ملكة على قومها ما هو الغريب؟ -[...وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ...]- ؟ملكة ومن الطبيعي أن يكون عندها كل شيء أرائك وقصور وعندها مال وطعام وخدم وحشم وحرس ووزراء أكيد هي ملكة أين الغرابة؟ -[...وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ]-[ النمل/23]. ؟أيضا طبيعي ما هو الجديد يا هدهد ملكة أكيد عندها عرش هل تجلس على الأرض أكيد عندها عرش أين الغرابة؟ -[وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا...]- ؟ماذا يفعلون؟ -[...يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ]-[ النمل/24]. ؟ثم بدأ ينكر؟ -[أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ...]- ؟من هو الله؟ -[...الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ]-،-[اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ]-[ النمل/ 25\26]. ثم سكت الهدهد "يخرج الخبء: يعني يخرج الشيء المخبوء" أي شيء مختبئ كما قال جل وعلا :-[إنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ]- [لقمان]. الله جل وعلا يخرج الخبء أي شيء مختبئ يعلمه الله تعالى ولا يغيب عنه عبد بشديد الظلام الهدهد يعلم أن سليمان مشغول فلم يطل معه الكلام.. أنظر الكلام مختصر أين كنت يا هدهد؟-[وَجِئْتُكَ مِن سَبَإ]- ؟أنا كنت في سبأ (اليمن)؟ -[وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ...]- ؟ما هو النبأ؟ -[...وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ...]- ؟الحاكم عندهم امرأة هل عندها أموال أو فقيرة؟-[...وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ...]- ؟وماذا أيضا؟ -[...وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ]- طيب هذا يكفي لا نريد تفصيل أكثر لا تعطيني عدد الحرس ما هو لون العرش كم عدد الغرف في القصر ما هو نوع الأنهار حولها ؟ما هو طعامهم؟لا أريد تفصيلات لا أهتم بها. ماذا غيره؟قال: -[وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ]-هذا الهدهد يا جماعة كل هذه الرحلة الطويلة اختصرها لسليمان في ثلاثة أسطر.لماذا الهدهد لم يفصل؟ لم يقل لسليمان ألوان الغرف وكم عدد الحرس والوزاراء. الهدهد يعلم أنه يتكلم مع إنسان مشغول ما عنده وقت للتفصيلات فأعطى سليمان الزبدة فقط. يا ليت بعض الناس اليوم يفهم مثل ذلك أحيانا بعض الناس يتصل مثلا يستفتي. وعند الرد عليه :نعم.يقول المتصل:...السلام عليكم أجيب:...وعليكم السلام ويكمل المتصل:...كيف الحال يا شيخ؟ والله بخير.كيف صحتك؟والله طيب تفضل بسؤالك.ان شاء الله أنك طيب يا شيخ؟والله الحمد لله. والله يا شيخ جزاك الله خير أنا أصلي معاك الفجر.بارك الله فيك تفضل سؤالك؟ يا شيخ جيد انك رديت علي. تفضل سؤالك الله يحفظك. والله يا شيخ أحبك في الله. بارك الله فيك جزاك الله خير. سؤالك بارك الله فيك. هذا الكلام في المقدمات تأخذ دقيقة ونصف، دقيقتين. طيب تفضل بسؤالك يقول: طيب يا شيخ سأعطيك سؤالي. تفضل قال يا شيخ: والله أنا كنت أريد أن اعتمر فقلت لوالدتي ما رأيك أن نذهب لنعتمر فأنت تعرف يا شيخ بر الوالدين والواحد يجب أن يبر أمه والوالد الله يغفر له توفي. أنت الآن تنصحني أني أبر أمي أو عندك سؤال. وافقت الوالدة وقالت: يجب أن تذهب معنا خالتك سارة واتصلت على سارة وبصعوبة وافقت لأنه عندها بنت مريضة ويعالجون فيها أظن أن فيها جن يا شيخ لكن قرأ عليها واحد مرة وقال أنها عين. ويعطيك تفصيلات وأسأل نفسي ماذا يريد وما هو السؤال؟أبدأ أتوقع أسئلة قلت: قصدك تسأل على العين قال: لا لا ليس قصدي العين يأتيك السؤال يا شيخ لا تستعجل. ويبدأ يخبرني أنهم خرجوا من الرياض وما هو نوع السيارة وعدد إخوانه الذين خرجوا معه وكم مرة توقفت السيارة حتى وصلوا مكة وأين أحرموا وعن سعر الإحرام ثم بعد قرابة الخمسة عشر دقيقة تعلمون ما هو سؤاله؟ وصلنا الحرم والإمام يصلي العشاء ونحن لم نصلي المغرب كيف نصلي المغرب وراء من يصلي العشاء؟والله يا جماعة هذا سؤاله هذا مثال عن الأسئلة التي ترد. طبعا ليس كل الناس ولكن عدد لا بأس به منهم هذه أسئلته. 
شخص اتصل بي قبل أمس عنده مشكلة والله يا جماعة أعاد المشكلة نفسها قرابة أربع أو خمس مرات وكل مرة تأخذ منه أربع دقائق خمس دقائق وأنا أقول له: فهمت المشكلة يا أخي سأعطيك الحل قال:لا يا شيخ يجب أن تفهم جيدا يا شيخ أنا أعلمتك كذا وكذا قال: لاحظت أنا أعيد لك لكي أطمئن. ويبقى قرابة عشرين دقيقة والله يا جماعة أيام تنتهي المكالمة والجوال فيه قرابة مئتان أو ثلاثمائة رسالة ولم اقرأ منها شيء. ومن ثم أنظر كم المدة أجد ثلاثة وعشرين دقيقة أقول: يا أخي حرام أن تأخذ ثلاثة وعشرين دقيقة كم واحد اتصل وجد الجوال مشغول كم ضيعت علي من الوقت بسبب الاستماع إليك يجب يا جماعة أن يكون عندنا فقه. واحد اتصل على مفتي في التلفاز اختصر سؤالك يا أخي لا تعطي تفصيلات لا يحتاج إليها. واحد يريد أن يقابل أمير أو يقابل ملك عنده قضية معينة مثلا واحد عنده بنت يريد أن يعالجها في الخارج وطلب واسطة إلى أن تيسر له أن يقابل الملك. فقالوا له: معك فقط خمس دقائق تشرح وضع بنتك وتقدم له الأوراق. ودخل وقال: السلام عليكم وبدأ يكلم الملك كيف حالك طويل العمر، إن شاء الله أنك طيب وبدأ يشرح له قصة بناته الله رزقني أربع بنات الحمد لله الأولى تزوجت أسكنوها في الشرقية مع زوجها تزورنا أحيانا ولدها صغير أبشرك أنه حافظ القرآن. الملك هو مشغول ليس لديه الوقت يسمع قصة بناتك ولما تنتهي العشر دقائق يقولون له اخرج فيقول:..لم أشرح بعد موضوع بنتي المريضة قالوا له:..طيب لماذا تبدأ بغيرها؟أنت تتعامل مع إنسان مشغول أعطه الزبدة. 
سليمان مشغول ليس عنده وقت للتفصيلات. يا هدهد لا تعطيني قصتك كم يوم استمرت بالطيران؟ ما هي الأشياء التي رأيتها في الطريق؟ ما هو عدد الناس الذين شاهدتهم؟ كم الأنهار؟ كم القصور؟ لا تعطيني التفاصيل أعطني الزبدة أنا مشغول فأعطى سليمان الزبدة قال: أنا وجدت امرأة تملكهم هذا مهم امرأة أو رجل، وأوتيت من كل شيء هي إذا عندها أموال، وعندها عرش عظيم إذا هي مكرمة عند قومها بنو لها عرش، أين المشكلة عندها؟ تعبد الشمس.
سليمان لو طلب تفصيلات من الهدهد أعطاه... وصل الخبر إلى سليمان، الرجل الحكيم هو الذي إذا أراد يتخذ قرارا يتعلق بأشخاص يتأكد من الخبر... مثلا واحد جاء واحد قال له: أنا رأيت واحدة راكبة في هذه السيارة وخرجت من منزلكم الظاهر أنها زوجتك انتبه يبدأ يثور ويدخل عليها ويضربها ويطلقها طيب تأكد يا أخي من الموضوع تأكد من الخبر كم وقعت يا جماعة قضايا طلاق ومشاكل وربما قضايا مضاربات ووصلت إلى القتل بسبب عدم التأكد من الأخبار.
سليمان يأتي إليه هدهد بريء طير ويخبره موضوع عن تلك المرأة ثم يقول:-[قَالَ سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ]-[ النمل/27] مشكلة كبيرة لو كان يكذب يعني متأخر وغائب وتكذب أيضا طيب ما هي أسهل طريقة وأسرع طريقة ليتأكد أخذ سليمان ورقة وكتب -[إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ]- [ النمل/30]. -[أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ]-[ النمل/31]. لا يحتاج يطيل كلامه هو قوي أغلق الورقة وأعطاها للهدهد قال: اذهب بها إلى تلك المرأة -[اذْهَب بِّكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ]- [ النمل/28]. خذ الكتاب وألقه على المرأة ثم ابتعد قليلا انظر كيف تتعامل وماذا تقول؟ ذهب الهدهد وطار مرة ثانية حتى وصل إلى تلك المرأة جاء دخل من بعض الفتحات ألقى الكتاب عليها ثم طار حتى وقف على إحدى فتحات القصر وجعل ينظر بكل أدب ينظر ماذا ستفعل قالت المرأة:-[قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلَأُ...]- ؟المرأة تقول؟ -[...إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ]-[ النمل/29]. كتاب مرتب جاء به طير عاقل أصلا حتى الذي أتى بالكتاب غريب في تعامله كتاب كريم -[إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ...]- ؟تعرف سليمان؟ -[...وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ]- [ النمل/30] ، -[أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ]- [ النمل/31]. من خلق بلقيس أنها كانت امرأة عاقلة تحرص على أن لا تتخذ قرارا إلا وهي مستشيرة يعني أحيانا بعض الناس يتخذ قرار لكنه يتخذه من تلقاء نفسه لا يستشير الناس هذه امرأة تستشير تستعمل عقلها وعقل غيرها والاستشارة يا جماعة بدون مقابل تشتري سيارة استشر،تتزوج استشر، تسافر إلى بلد معين استشر، تعال إلى إنسان عاقل واسأله ما رأيك؟ ما هي القضية؟ -[قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْراً حَتَّى تَشْهَدُونِ]- [ النمل/32]. وزراء عقلاء قالوا:أعطوها الرأي -[قَالُوا نَحْنُ أُوْلُوا قُوَّةٍ...]- ؟"أولو قوة: أي عدد كبير وجنودنا أقوياء رجال؟ -[...وَأُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ...]- ؟بأس شديد: أي: عندنا سلاح جاهزين إذا تريدين رجال أمامك رجال ندافع عن بلدنا سلاح موجود ندافع عن بلدنا؟ -[...وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ]-[النمل/33]. أنظر الفرق بين رأي الرجل ورأي المرأة دائما يا جماعة من طبيعة المرأة أنها تخاف المواجهة ودائما تريد حل الموضوع بهدوء حتى ترى في المشاكل الزوجية إذا الرجل صار رجل جازم إذا كان رأيه الصواب وثبت على رأيه الصواب تلقى المرأة ربما تجادله تجادله وإذا رأته جازم وصامل بعد ذلك تؤثر السلام تقول: انتهى إن شاء الله كما تريد كم من امرأة كاد أن يقع بينها وبين زوجها طلاق لأن كل اثنان أحيانا لا يكون فيهم أحد جازم هو يريد أن يجزم وهي تريد أن تجزم هي تتراخى وهو يتراخى إذا أنت مقتنع سير كلامك -[الرِجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ]-[النساء]. هنا الرجال عندها يقولون لا نريد أن نسلم بلدنا نريد أن نقاتل نحن عندنا قوة وعندنا سلاح نقاتل لكن أنت الملكة أنت التي تقررين -[...وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ]- [ النمل/33]. انظر كيف جلست تفكر -[قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا]- ؟يخربون قصري ، يخربون عرشي هي خافت على هذه الأمور؟ -[قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً...]- ؟يبدؤون بي أنا الملكة؟ قال الله: -[...وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ]- [ النمل/34]. كذلك يفعلون: ليست من كلام بلقيس ليست نقلا عن بلقيس هي من كلام الله تعالى يعني بلقيس ماذا قالت: قالت إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة واني مرسلة إليهم بهدية فناظرة بم يرجع المرسلون كلمة وكذلك يفعلون رب العلمين قالها في نصف كلام بلقيس كأنه يقول صدقت -[قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ]- [ النمل/34]. ثم قالت:-[وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِم بِهَدِيَّةٍ...]-أنا أنظر هو قصده المال والملك نعطيه الهدايا ويبعد عنا شره أو نقاتله إن كان قصده دين وعبادة هذا لن يرضى بمال دعونا نلمس ما يريد -[وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِم بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ]- [ النمل/35]. قال الله تعالى:-[فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ]- جاءوا كالجنود منهم من يحمل ذهب ومنهم من يحمل فضة ومنهم من يحمل أنواع من الطعام وأنواع من اللباس هدايا ملكة إلى ملك ماذا ستعطيها؟ أكيد أشياء عظيمة -[وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِم بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ]- [ النمل/35]. -[فَلَمَّا جَاء سُلَيْمَانَ...]- ؟نظر سليمان إلى الهدايا؟ -[...قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ...]- ؟قال تعطوني أموال من أجل السكوت عن الكفر؟ -[فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِّمَّا آتَاكُم بَلْ أَنتُم بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ]- [ النمل/36]. اللهم أغنني -[إِرْجِعْ إِلَيْهِمْ...]- ؟يقول للجنود؟-[...فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَّا قِبَلَ لَهُم بِهَا...]- أي: لآتينهم بجيش طويل عظيم يصل أوله إلى اليمن وآخره لم يخرج من الشام بعد أنظر عظم الجيش وجيش شيء يحمله الدواب وشيء يأتيكم على رياح لا ترون إلا الرياح ينزل منها بشر والدواب تنزل بشر وطيور من الذي يرد هذا الجيش -[ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَّا قِبَلَ لَهُم بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ]- [ النمل/37]. قالت إذا أنا أأتيك ونتفاهم معك فلما علم أنها ستأتي وهي تحتاج أن تمشي من اليمن حتى تصل فلسطين ربما تحتاج إلى ثلاثة أسابيع أو شهر. هي لم تركب سيارة أو طائرة تمشي على قدميها أو ربما ركبت على دواب فهي تحتاج إلى وقت طويل فأراد سليمان عليه السلام أن يأتي بعرشها إليه لأنهم كانوا يعتقدون هم في عقيدتهم في عقيدة ملكة سبأ بلقيس أن سر بقاء الملكة في مكانها وجود العرش فإذا أزيل العرش أو سرق سقط ملكها. فقال سليمان دعونا نحضر عرشها إلى هنا -[قَالَ يَا أَيُّهَا المَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا...]- ؟يسأل من عنده من طيور وجن وانس؟ –[...قَبْلَ أَن يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ]-[ النمل/38] "مسلمين أي: مستسلمين " وبدأ الناس والجن والجنود يستعرضون قواهم -[قَالَ عِفْريتٌ مِّنَ الْجِنِّ]- ؟ليس جن عادي عفريت؟ -[أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ]- [ النمل/39]. كان سليمان عليه السلام يجلس في مجلسه بعد طلوع الشمس ويقوم من مجلسه عند الغروب يحكم بين الناس وينفذ الرسل وغير ذلك. فيقول له هذا الجن العفريت أنا آتيك بالعرش ؟ فسأله كم تحتاج قال قبل غروب الشمس يكون عندك يعني ربما ساعات وهو عند سليمان رأى سليمان هذا الوقت طويل مع أنها يحتاج شهر حتى تصل لكن ملكي أعظم يقول واني عليه لقوي "قوي: أحمله" وأمين: لا أسرق منه شيئا.. لأن العرش فيه ألماس وفيه جواهر لا يمكن أسرق شيء أنا أمين -[قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ]- "يرتد إليك طرفك: قيل قبل أن تطرف بعينك وقيل في معناها إنك الآن يا سليمان تنظر الى شخص بعيد مثلا مدى نظرك كيلو قبل أن يصل ذلك الشخص البعيد ويكون أمامك يكون العرش عندك يعني دقائق والعرش عندك يقول العلماء إن العلم يغلب القوة الأول يأتي به بقوته قوي والثاني قال:أنا عندي علم قالوا فغلب العلم القوة -[قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ...]- . قيل هذا الرجل كان يعرف اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سأل به أعطى فقام وصلى ودعا اسم الله الأعظم قال: فيه النبي عليه الصلاة والسلام في حديث أسماء بنت يزيد بن السكن قال اسم الله الأعظم في ثلاث سور من كتاب الله في البقرةَ:-[اللَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ]- ،في آل عمران -[الم*اللّهُ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ]-[آل عمران1/2] ،وفي طه -[وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ]- الحي القيوم:هو اسم الله الأعظم لذلك ذكره ابن القيم و ابن تيمية وجمع من أهل العلم أنه كذلك. سليمان قال الله عنه: -[...فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرّاً عِندَهُ...]- ؟رأى العرش ماذا قال؟ -[...قَالَ هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي...]- ؟هذا ليس من قوتي من فضل الله أعطاني إياه؟ -[...لِيَبْلُوَنِي...]- ؟ أي ليختبرني؟ -[...أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ]- [ النمل/40]. أراد سليمان عليه السلام أن يتأكد من أمرين الأمر الأول هو مخطط أن يتزوجها من أجل أن يكون الملك متزوج ملكة ويقوى ملكه ويدعو إلى الله ولكن يريد أن يتأكد من أمرين الأمر الأول: يتأكد من عقلها هل هي عاقلة وذكية وتفرق الأمور. والأمر الثاني: أن الجن قالوا لسليمان خافت الجن أن يتزوجها سليمان فحتى ينفروه عنها قالوا يا سليمان إذا جاءت بلقيس انتبه لا تتزوجها قال لماذا؟ قالوا له إن أمها جنية والدليل على أن أمها جنية أن ساقيها ساقا عنز انتبه فهو لا يعلم عن خبر الجن صادقين أو كذابين فأراد أن يتأكد من المعلومة الثانية يريد أن يتأكد من الذكاء ومن المعلومة الثانية. أول ما جاءه العرش -[قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنظُرْ...]- أي: نتأكد -[...أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ]- [ النمل/41]. "نكروا:يعني تعالوا إلى الألماس الأزرق الموجود بالجهة اليمنى ضعوه في اليسرى والأيسر ضعوه في فوق والذي في فوق ضعوه تحت يعني خربوا أماكن العرش وغيروا وبدلوا ثم لما صنع بالعرش أمر فصنع له صفائح زجاج ثم أمر بقوارير من زجاج أعمدة وضعت القوارير على الأرض وضعت الصفائح فوقها وأمر بالماء فأجري تحتها وأمر أن تبني جدران من زجاج وسقف من زجاج كل شيء زجاج وأمر بوضع العرش فوق هذا الزجاج وصار العرش كأنه يسبح على الماء تحته زجاج وقوارير زجاج وماء كأنه يسبح على الماء -[قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ]- [ النمل/41]. -[فَلَمَّا جَاءتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ]-[ النمل/42]. -[وَصَدَّهَا مَا كَانَت تَّعْبُدُ مِن دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِن قَوْمٍ كَافِرِينَ]- [ النمل/43]-[قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ...]- ؟تقدمي للعرش؟ -[...فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ]- ؟ حسبته ماذا؟ -[...لُجَّةً...]- ؟أي: ماء ماذا فعلت؟ -[...وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوَارِيرَ]- فلما رأت هذه العظمة والملك وهذا الإتقان -[قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ]-[ النمل/44]. فهذا ما جرى بين سليمان وبلقيس طبعا سليمان عليه السلام كان حريصا على الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر وتأثر به جنوده وحملوا هم الدعوة ذلك الهدهد رأى منكر مباشرة تكلم لا أقدر أنكر ذهب إلى سليمان أنكر عليها أيضا سليمان عليه السلام تأكده من الأخبار قبل أن يتخذ قرارات الهدهد جاء بخبر يقين جمع الموضوع كله من أطرافه وجاء وخبر سليمان به ما جاء بأخبار غير متأكد بها هذه الأمور التي ذكرها الله تعالى في القران أيها الأفاضل لا بد أن تكون لنا نبراسا في حياتنا.
أسأل الله سبحانه وتعالى أن ينفعني وإياكم بما سمعنا ، أسأل الله جل وعلا أن ينفعني وإياكم بما سمعنا وأن يجعلني وإياكم مباركين أينما كنا، وأسأل الله تعالى أن يجعل القران ربيع قلوبنا ،ونور صدورنا وجلاء همومنا وذهاب أحزاننا وهمومنا ،أسأل الله تعالى أن يجعل القران شافعا رافعا لنا يا رب العالمين اللهم إنا نسألك من الخير كله عاجله وآجله ما علمنا منه وما لم نعلم ونعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله ما علمنا منه وما لم نعلم اللهم يا حي يا قيوم إنا نسألك أن لا تدع من بيننا ولا من أحبابنا مريضا إلا شفيته ولا عقيما إلا ذرية صالحة رزقته ولا تدع من بيننا ولا من أحبابنا من يحتاج إلى وظيفة أو دراسة أو زواج أو سداد دين إلا يسرت له ذلك وأعنته عليه ، وأعنته عليه،وأعنته عليه. يا حي يا قيوم اللهم من أرادنا أو أراد بلادنا أو أراد أمننا أو أراد مجتمعنا أو أراد نسائنا أو تعليمنا أو إعلامنا بسوء فأشغله بنفسه ورد كيده في نحره واجعل تدبيره تدميرا عليه وسائر بلدان المسلمين يا حي يا قيوم يا رب العالمين. اللهم أقر أعيننا بذرياتنا ، اللهم أقر أعيننا بذرياتنا ،اللهم أقر أعيننا بذرياتنا يا ذا الجلال والإكرام يا رب العالمين. اللهم صلّ وسلم وزد وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى اله وصحبه أجمعين. أشكر لكم استماعكم جزاكم الله خير وأشكر الشيخ نايف والإخوة جميعا أيضا حرصا على إقامة مثل هذه اللقاءات وصلى الله على نبينا محمد.
أكمل القراءة

غزوة حنين



غزوة حنين

بعد أن فتح المسلمون مكة ، انزعجت القبائل المجاورة لقريش من انتصار المسلمين على قريش.

وفزعت هوازن و ثقيف من أن تكون الضربة القادمة من نصيبهم . وقالوا لنغز محمداً قبل أن يغزونا . واستعانت هاتان القبيلتان بالقبائل المجاورة ، وقرروا أن يكون مالك بن عوف سيد بني هوازن قائد جيوش هذه القبائل التي ستحارب المسلمين . وأمر رجاله أن يصطحبوا معهم النساء والأطفال والمواشي والأموال ويجعلوهم في آخر الجيش ، حتى يستميت الرجال في الدفاع عن أموالهم وأولادهم ونسائهم .

لما علم الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك خرج إليهم مع أصحابه وكان ذلك في شهر شوال من العام الثامن للهجرة . وكان عدد المسلمين اثني عشر ألفاً من المجاهدين . عشرة آلف من الذين شهدوا فتح مكة ، وألفان ممن أسلموا بعد الفتح من قريش .

ونظر المسلمون إلى جيشهم الكبير فاغتروا بالكثرة وقالوا لن نغلب اليوم من قلة .

وبلغ العدو خبر خروج المسلمين إليهم فأقاموا كميناً للمسلمين عند مدخل وادي أوطاس ( قرب الطائف ) وكان عددهم عشرين ألفاً .

وأقبل الرسول صلى الله عليه وسلم في أصحابه حتى نزلوا بالوادي . وكان الوقت قبيل الفجر ، والظلام يخيم على وادي حنين السحيق . وفوجئ المسلمون بوابل من السهام تنهال عليهم من كل مكان . فطاش صوابها ، واهتزت صفوفهم ، وفر عددٌ منهم .

ولما رأى الرسول صلى الله عليه وسلم هزيمة المسلمين نادى فيهم يقول :
أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب

وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم العباس أن ينادي في الناس ، فقال : يا معشر الأنصار، ويا معشر المهاجرين ، يا أصحاب الشجرة . فحركت هذه الكلمات مشاعر الإيمان والشجاعة في نفوس المسلمين ، فأجابوه : لبيك يا رسول الله لبيك .

وانتظم الجيش مرةً أخرى ، واشتد القتال . وأشرف الرسول صلى الله عليه وسلم على المعركة . وما هي إلا ساعة حتى انهزم المشركون ، وولوا الأدبار تاركين النساء والأموال والأولاد . وأخذ المسلمون ينهمكون في تكثيف الأسرى وجمع الغنائم . وبلغ عدد الأسرى من الكفار في ذلك اليوم ستة آلاف أسير .

وهكذا تحولت الهزيمة إلى نصر بإذن الله تعالى .



وكانت حنين درساً استفاد منه المسلمون . فتعلم المسلمون أن النصر ليس بكثرة العدد والعدة . وأن الاعتزاز بذلك ليس من أخلاق المسلمين . ومرت الأيام فإذا بوفد من هوازن يأتي إلى الرسول صلى الله عليه وسلم يعلن ولاءه للإسلام ، وجاء وفد من ثقيف أيضاً يعلن إسلامه . وأصبح الذين اقتتلوا بالأمس إخواناً في دين الله ...
أكمل القراءة

غزوة مؤتة



غزوة مؤتة

في شهر جمادى الأولى من السنة الثامنة للهجرة جهز رسول الله عليه وسلم جيشاً للقصاص ممن قتلوا الحارث بن عمير الذي كان رسول الله عليه وسلم قد بعثه إلى أمير بصرى داعياً له إلى الإسلام .

وأمر على الجيش زيد بن حارثة ، وقال عليه الصلاة والسلام : " إن أصيب زيدٌ فجعفر بن أبي طالب ، وإن أصيب جعفر فعبد الله بن رواحة ، فإن أصيب عبد الله فخالد بن الوليد" .

وانطلق الجيش وبلغ عددهم ثلاثة آلافٍ من المهاجرين والأنصار . وأوصاهم الرسول عليه الصلاة والسلام بأن لا يقتلوا امرأةً ولا صغيراً ، ولا شيخاً فانياً ولا تقطعوا شجراً ولا تهدموا بناءً .

ووصل الجيش إلى مكان يدعى " معان " في أرض الشام . وكان هرقل قد حشد مائتي ألف مقاتل لقتال المسلمين .

والتقى الجيشان غير المتكافئين عدداً أو عدة . وقاتل المسلمون قتال الأبطال . وصمدوا أمام هذا الجيش الضخم . وقاتل زيد بن حارثة حامل اللواء حتى استشهد ، فتولى القيادة جعفر بن أبي طالب ، وحمل اللواء بيمينه فقطعت ، ثم حمله بشماله فقطعت ، فاحتضنه بعضديه حتى ضربه رجلٌ من الروم فاستشهد ، فسمي بذي الجناحين حيث أبدله الله بيديه جناحين يطير بهما في الجنة حيث يشاء .

ثم أخذ الراية عبد الله بن رواحة وقاتل حتى استشهد . فأخذ الراية خالد بن الوليد . واستعمل دهاءه الحربي ، حتى انحاز بالجيش ، وأنقذه من هزيمة منكرة كادت تقع . فانتهز خالد فرصة قدوم الليل فغير نظام الجيش ، فجعل ميمنة الجيش ميسرة ، وميسرته ميمنة ، كما جعل مقدمة الجيش في المؤخرة ، ومؤخرة الجيش في المقدمة .

فلما أطل الصباح ، أنكرت الروم ما كانوا يعرفون من راياتهم ، وسمعوا من الجلبة وقعقعة السلام ، فظنوا أنهم قد جاءهم مدد . فرعبوا وانكشفوا ، وما زال خالد يحاورهم ويداورهم ، والمسلمون يقاتلونهم أثناء انسحابهم بضعة أيامٍ حتى خاف الروم أن يكون ذلك استدراجاً لهم إلى الصحراء . فتوقف القتال .

وهكذا تبدلت هزيمة جيش المسلمين إلى نصرٍ . وأي نصرٍ أكبر من صمود جيشٍ يبلغ عدده ثلاثة آلاف مقاتلٍ أمام جيشٍ عدده مائتا ألف مقاتلٍ .



وإنه لشيءٌ نادرٌ أن يقف جنديٌ واحدٌ أمام سبعين من الجنود المحملين بالسلاح ، ولكن قوة الإيمان هي التي جعلت المسلمين يصمدون أمام جيش العدو .
أكمل القراءة

غزوة خيبر




غزوة خيبر

ما كاد رسول الله عليه وسلم يعود من صلح الحديبية ، ويستريح بالمدينة شهراً من الزمن حتى أمر بالخروج إلى خيبر . فقد كان يهود خيبر يعادون المسلمين وقد بذلوا جهدهم في جمع الأحزاب في غزوة الخندق لمحاربة المسلمين .

وخرج رسول الله عليه الصلاة والسلام في مطلع العام السابع الهجري في جيش تعداده ألف وستمائة رجلٍ . وكانت خيبر محصنةً تحصيناً قوياً فيها ثمانية حصونٍ منفصلٌ بعضها عن بعض .وكان يهود خيبر من أشد الطوائف اليهودية بأساً وأكثرها وأوفرها سلاحاً .

والتقى الجمعان واقتتلوا قتالاً شديداً . واليهود يستميتون في الدفاع عنها . واستمر التراشق بينهم ست ليالٍ .

وفي الليلة السابعة وجد عمر بن الخطاب يهودياً خارجاً من الحصون فأسره وأتى به الرسول عليه الصلاة والسلام . فقال اليهودي : إن أمنتموني على نفسي أدلكم على أمرٍ منه نجاحكم. فقالوا : قد أمناك فما هو ؟ فقال الرجل : إن أهل هذا الحصد قد أدركهم اليأس وسيخرجون غداً لقتالكم . فإذا فتح عليكم هذا الحصد فسألوكم على بيت فيه منجنيق ودروع وسيوف يسهل عليكم بها فتح بقية الحصون. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( لأعطين الراية غدا رجلا يفتح الله عليه يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ))

فبات الناس ليلتهم كل منهم يتمنى أن يعطاها . فلما أصبح الصباح قال : " أين علي بن أبي طالب " ؟ فقالوا : هو يا رسول الله يشتكي عينيه . فدعاه ، فبصق رسول الله صلى الله عليه وسلم في عينيه ودعا له فبرأ بإذن الله ، فأعطاه الراية وقال له : " والله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم " .

ولما ذهب علي بن أبي طالب إليهم خرج مرحب اليهودي يختال في سلاحه فقتله . وأحاط المسلين بالحصون ، وحمل المسلمون عليهم حملة صادقة . فسقطت حصونهم حصنا بعد حصن . واستولى اليأس على اليهود وطلبوا من النبي صلى الله عليه وسلم الصلح على أن يحقن دماءهم ، فقبل الرسول عليه الصلاة والسلام ، وصارت أرضهم لله ولرسوله وللمسلمين .

وهكذا استولى المسلمون على خيبر ، وغنموا منها العديد من السلاح والمتاع .

وقد قتل من اليهود في هذه الغزوة ثلاثة وتسعون رجلا واستشهد من المسلمين خمسة عشر رجلا .

وكان من بين ما غنم المسلمون منهم عدة صحف من التوراة ، فطلب اليهود ردها فردها المسلمون إليهم . ولم يصنع الرسول عليه الصلاة والسلام ما صنع الرومان حينما فتحوا أورشليم وأحرقوا الكتب المقدسة فيها ، وداسوها بأرجلهم ، ولا ما صنع التتار حين أحرقوا الكتب في بغداد وغيرها .




أكمل القراءة

فتح مكة




فتح مكة

بعد صلح الحديبية انضمت قبيلة بكر لقريش ، وانضمت قبيلة خزاعة لحلف المسلمين .

وكان بين بني بكرٍ وقبيلة خزاعة ثارات في الجاهلية ودماء ، وذات يومٍ تعرضت قبيلة خزاعة لعدوانٍ من قبيلة بكر الموالية لقريش ، وقتلوا منهم نحو عشرين رجلاً . ودخلت خزاعة الحرم للنجاة بنفسها ، ولكن بني بكرٍ لاحقوهم وقتلوا منهم في الحرم . فجاء عمرو بن سالم الخزاعي الرسول صلى الله عليه وسلم يخبرهم بعدوان قبيلة بكرٍ عليهم ، وأنشد الرسول صلى الله عليه وسلم شعراً :
يا رب إني نـاشد محمداً حلف أبـينا وأبيه الأتلدا
إنه قريشٌ أخلفوك المـوعدا ونقضوا ميثاقك المؤكدا
فانصر رسول الله نصراً أعتدا وادع عباد الله يأتوا مدداً

فقال له رسول الله عليه وسلم : " نصرت يا عمرو بن سالم ، والله لأمنعنكم مما أمنع نفسي منه " . ودعا الله قائلاً " اللهم خذ العيون والأخبار عن قريش حتى نبغتها في بلادها ".

وندمت قريش على مساعدتها لبني بكرٍ ، ونقضها للعهد ، فأرسلت أبا سفيانٍ إلى المدينة ليصلح ما فسد من العهد ، ولكنه عاد خائباً إلى مكة .

وأخذ رسول الله عليه وسلم يجهز الجيش للخروج إلى مكة . فحضرت جموعٌ كبيرة من القبائل .

ولكن حدث شيءٌ لم يكن متوقعاً من صحابي . وهو أن الصحابي حاطب بن أبي بلتعة كتب كتاباً بعث به إلى قريشٍ مع امرأة ، يخبرهم بما عزم عليه رسول الله عليه وسلم ، وأمرها أن تخفي الخطاب في ضفائر شعرها حتى لا يراها أحدٌ . فإذا الوحي ينزل على رسول الله عليه وسلم بما صنع حاطب ، فبعث الرسول صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب والزبير بن العوام ليلحقا بالمرأة . وتم القبض عليها قبل أن تبلغ مكة ، وعثرا على الرسالة في ضفائر شعرها .

فلما عاتب النبي صلى الله عليه وسلم حاطباً اعتذر أنه لم يفعل ذلك ارتداداً عن دينه ، ولكنه خاف إن فشل رسول الله عليه وسلم على أهله والذين يعيشون في مكة .

فقال عمر : " يا رسول الله ، دعني أضرب عنق هذا المنافق " . فقال رسول الله عليه وسلم:

" إنه قد شهد بدراً ، وما يدريك لعل الله قد اطلع على من شهد بدراً فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم " .

وكان حاطب ممن حارب مع رسول الله عليه وسلم في غزوة بدر . فعفا عنه ، وتحرك جيش المسلمين بقيادة رسول الله عليه وسلم إلى مكة في منتصف رمضان من السنة الثامنة للهجرة . وبلغ عددهم نحو عشرة آلاف مقاتل . ووصلوا " مر الظهران " قريباً من مكة ، فنصبوا خيامهم ، وأشعلوا عشرة آلاف شعلة نار . فأضاء الوادي .

وهناك تقابل العباس بن عبد المطلب وأبو سفيان . فأخذه العباس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقال له الرسول عليه الصلاة والسلام : " ويحك يا أبا سفيانٍ أما آن لك

أن تعلم أن لا إله إلا الله ؟ " .

فقال العباس : " والله لقد ظننت أن لو كان مع الله غيره لقد أغنى عني شيئاً بعد " .

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ويحك ألم يأن لك أن تعلم أني رسول الله ؟ "

فقال : " أما هذه فإن في النفس منها حتى الآن شيئاً " .

وبعد حوارٍ طويلٍ دخل أبو سفيانٍ في الإسلام . وقال العباس : " إن أبا سفيانٍ يحب الفخر فاجعل له شيئاً . فقال الرسول صلى الله عليه وسلم : " من دخل دار أبي سفيانٍ فهو آمن ومن دخل المسجد فهو آمن ومن أغلق بابه فهو آمن " .

وأراد الرسول صلى الله عليه وسلم أن يري أبا سفيانٍ قوة المسلمين ، فحبسه عند مضيق الجبل . ومرت القبائل على راياتها ، ثم مر رسول الله صلى عليه وسلم في كتيبته الخضراء. فقال أبو سفيان : ما لأحدٍ بهؤلاء من قبل ولا طاقة .

ثم رجع أبو سفيانٍ مسرعاً إلى مكة ، ونادى بأعلى صوته : " يا معشر قريش ، هذا محمدٌ قد جاءكم فيما لا قبل لكم به . فمن دخل داري فهو آمن ، ومن أغلق عليه بابه فهو آمن ، ومن دخل المسجد فهو آمن ". فهرع الناس إلى دورهم وإلى المسجد . وأغلقوا الأبواب عليهم وهم ينظرون من شقوقها وثقوبها إلى جيش المسلمين ، وقد دخل مرفوع الجباه . ودخل جيش المسلمين مكة في صباح يوم الجمعة الموافق عشرين من رمضان من السنة الثامنة للهجرة .

ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة من أعلاها وهو يقرأ قوله تعالى : (( إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً ))

واستسلمت مكة ، وأخذ المسلمون يهتفون في جنبات مكة وأصواتهم تشق عناء السماء : الله أكبر .. الله أكبر .

وتوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحرم ، وطاف بالكعبة ، وأمر بتحطيم الأصنام المصفوفة حولها . وكان يشير إليها وهو يقول : (( و قل جاء الحق و زهق الباطل إن الباطل كان زهوقاً )) 

وبعد أن طهرت الكعبة من الأصنام أمر النبي عليه الصلاة والسلام بلالاً أن يؤذن فوقها .

ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا معشر قريش ، ما ترون أني فاعل بكم ؟ " قالوا : " خيراً . أخٌ كريمٌ وابن أخٍ كريم " . فقال عليه الصلاة والسلام : " اذهبوا فأنتم الطلقاء".

فما أجمل العفو عند المقدرة ، وما أحلى التسامح والبعد عن الانتقام . ولننظر ما فعل الغالبون بالمغلوبين في الحربين العالميتين في قرننا هذا ، قرن الحضارة كما يقولون ، لنعلم الفرق ما بين الإسلام والكفر .

وهكذا ارتفعت راية الإسلام في مكة وما حولها ، وراح الناس ينعمون بتوحيد الله .



أكمل القراءة

غزوة تبوك





غزوة تبوك

بعد فتح مكة ودخول الحجاز كلها في الإسلام ، خشي العرب التابعون للروم من المسلمين في بلاد الشام من قوة الإسلام . فقرر الروم غزو المسلمين . وجهزوا جيشاً كبيراً عسكروا جنوب بلاد الشام .

وصلت الأخبار إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ، فدعا إلى تجهيز جيش قوي يصد غزو الروم .

وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يعلم أن الظروف التي يمر بها صعبة ، وأن الأيام أيام قيظٍ وقحط . فبعث الرجال يحثون القبائل على الاشتراك في الجيش ، وحث الأغنياء على أن يجودوا بمالهم ، فتبرع عثمان بن عفان بعشرة آلاف دينار وتسعمائة بعيرٍ ، ومائة فرس.كما تبرع أبو بكرٍ الصديق بكل ماله . وتبرع عبد الرحمن بن عوف بأربعين ألف دينار . وتبرعت النساء بحليهن وزينتهن من الذهب .

و تحرك جيش المسلمين إلى تبوك في شهر رجب من العام التاسع بقيادة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وكان عددهم ثلاثين ألفاً تقريباً . و أعطى الرسول صلى الله عليه وسلم اللواء لأبي بكرٍ الصديق . وعسكر النبي صلى الله عليه وسلم بجيشه في ثنية الوداع . وكان الحر شديداً للغاية ، وعانى المسلمون من عسرة الماء والزاد ، حتى اضطروا لذبح إبلهم وإخراج ما في كروشها فيعصرونه ويشربونه . لذلك سميت الغزوة بغزوة العسرة .

وقضى المسلمون في تبوك حوالي عشرين يوماً ، ولكن لم يجدوا هناك أحداً من الروم الذين رجعوا من حيث أتوا ، حينما علموا بمسير الجيش المسلم الذي يؤثر الموت على الحياة .



واستشار الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه في مجاوزة تبوك إلى ما هو أبعد منها من ديار الشام . فأشار عليه الفاروق عمر بالعودة إلى المدينة . فاستحسن الرسول صلى عليه وسلم رأيه وعادوا إلى المدينة حامدين شاكرين .
أكمل القراءة

غزوة الخندق الأحزاب



غزوة الخندق(الأحزاب)

عقد يهود بني النضير على الانتقام من النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الذين أخرجوهم من ديارهم من المدينة ، وجعلوا همهم على أن يجعلوا جبهة قوية تتصدى أمام الرسول وأصحابه .

انطلق زعماء بني النضير إلى قريش يدعوهم إلى محاربة المسلمين ، فنجحوا في عقد اتفاق بينهما . ولم يكتف بنو النضير بتلك الاتفاقية ، وإنما انطلقوا أيضا إلى بني غطفان يرغبوهم في الانضمام إليهم وإلى قريش ، وأغروهم بثمار السنة من نخيل خيبر إذا تم النصر بنجاح .

وهكذا انطلق جيش قوامه عشرة آلاف مقاتل يقودهم أبو سفيان بن حرب ، وذلك في السنة الخامسة من الهجرة من شهر شوال .

لما علم الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بالأمر ، استشار أصحابه وقادته في الحرب ، فأشار عليه سلمان الفارسي بحفر خندق في مشارف المدينة ، فاستحسن الرسول والصحابة رأيه ، وعملوا به . كما أن يهود بني قريظة مدوا لهم يد المساعدة من معاول ومكاتل بموجب العهد المكتوب بين الطرفين .

كان الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه يتفقدون سير العمل ، فوجدوا صخرة كبيرة كانت عائقا أمام سلمان الفارسي ، حيث كسرت المعاول الحديدية ، فتقدم الرسول الكريم من الصخرة وقال : " باسم الله " فضربها فتصدعت وبرقت منها برقة مضيئة

فقال : " الله أكبر .. قصور الشام ورب الكعبة " ثم ضرب ضربة أخرى ، فبرقت ثانية ، فقال : " الله أكبر .. قصور فارس ورب الكعبة " . واستطاع المسلمون إنهاء حفر الخندق بعد مدة دامت شهرا من البرد وشظف العيش .

بدت طلائع جيوش المشركين مقبلة على المدينة من جهة جبل أحد ، ولكنهم فوجئوا بوجود الخندق ، حيث أنهم ما كانوا متوقعين هذه المفاجأة .

لم يجد المشركون سبيلا للدخول إلى المدينة ، وبقوا ينتظرون أياما وليالي يقابلون المسلمين من غير تحرك ، حتى جاء حيي بن أخطب الذي تسلل إلى بني قريظة ، وأقنعهم بفسخ الاتفاقية بين بني قريظة والمسلمين ، ولما علم الرسول عليه الصلاة والسلام بالأمر أرسل بعض أصحابه ليتأكد من صحة ما قيل ، فوجده صحيحا . وهكذا أحيط المسلمون بالمشركين من كل حدب وصوب ، إلا أن الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه لم ييأسوا من روح الله ، لأنهم كانوا على يقين بأن عين الله ترعاهم .

استطاع عكرمة بن أبي جهل وعدد من المشركين التسلل إلى داخل المدينة ، إلا أن عليا كان لهم بالمرصاد ، فقُتل من قُتل ، وهرب من هرب ، وكان من جملة الهاربين عكرمة .

وأخيرا ، جاء نصر الله للمؤمنين . فقد تفككت روابط جيش المشركين ، وانعدمت الثقة بين أطراف القبائل ، كما أرسل الله ريحا شديدة قلعت خيامهم ، وجرفت مؤنهم ، وأطفأت نيرانهم ، فدب الهلع في نفوس المشركين ، وفروا هاربين إلى مكة .

وحين أشرق الصبح ، لم يجد المسلمون أحدا من جيوش العدو الحاشدة ، فازدادوا إيمانا ، وازداد توكلهم على الله الذي لا ينسى عباده المؤمنين .

وهكذا ، لم تكن غزوة الأحزاب هذه معركة ميدانية وساحة حرب فعلية ، بل كانت معركة أعصاب وامتحان نفوس واختبار قلوب ، ولذلك أخفق المنافقون ونجح المؤمنون في هذا الابتلاء . ونزل قول الله تعالى : (( من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه و منهم من ينتظر و ما بدلوا تبديلاً ليجزي الله الصادقين بصدقهم و يعذب المنافقين إن شاء أو يتوب عليهم إن الله كان غفوراً رحيماً و ردّ الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيراً و كفى الله المؤمنين القتال و كان الله قوياً عزيزاً و أنزل الله الذين ظاهروهم من أهل الكتاب من صياصيهم و قذف في قلوبهم الرعب فريقاً تقتلون و تأسرون فريقاً ))



أكمل القراءة

غزوة أحد



غزوة أحد


شعرت قريش بمرارة الهزيمة التي لقيتها في حربها مع المسلمين في بدر ، وأرادت أن تثأر لهزيمتها ، حيث استعدت لملاقاة المسلمين مرة أخرى ليوم تمحو عنها غبار الهزيمة .

ذهب صفوان بن أمية ، وعكرمة بن أبي جهل ، وعبد الله بن ربيعة إلى أبي سفيان يطلبون منه مال القافلة ليتمكنوا من تجهيز الجيش ، ولقد كان ربح القافلة ما يقارب الخمسين ألف دينار ، فوافق أبو سفيان على قتال المسلمين ، وراحوا يبعثون المحرضين إلى القبائل لتحريض الرجال .

اجتمع من قريش ثلاثة آلاف مقاتل مستصحبين بنساء يحضن الرجال عند حمي الوطيس .

وخرج الجيش حتى بلغ مكان ( ذو الحليفة ) قريبا من أحد .

سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم تقدم المشركين إليهم فاستشار أصحابه ، فقال الشيوخ : نقاتل هنا ، وقال الرجال : نخرج للقائهم . فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم برأي الرجال . لبس النبي صلى الله عليه وسلم حربته وخرج يريد لقاء المشركين ، فخرج من المدينة ألف رجل ، انسحب عبد الله بن أبي المنافق بثلث الجيش قائلا : ما ندري علام نقتل أنفسنا ؟

عسكر المسلمون عند جبل أحد ، ووضع الرسول عليه الصلاة والسلام خطة محكمة ، وهي أنه وضع خمسين رجلا على الجبل قادهم عبد الله بن جبير ، وأمرهم الرسول عليه الصلاة والسلام بعدم التحرك سواء في الفوز أو الخسارة .

وبدأت المعركة ، وقاتل حمزة بن عبد المطلب قتال الأبطال الموحشين ، وكاد جبير بن مطعم قد وعد غلامه وحشيا أن يعتقه إن هو قتل حمزة . يقول وحشي :

خرجت أنظر حمزة أتربصه حتى رأيته كأنه الجمل الأورق يهد الناس بسيفه هدا ، فهززت حربتي ، حتى إذا رضيت عنها دفعتها إليه فوقعت في أحشائه حتى خرجت من بين رجليه ، وتركته وإياها حتى مات . لقد كان استشهاد حمزة نكبة عظيمة على المسلمين ، إلا إنهم قاوموا وصمدوا أمام قتال المشركين . ولقد قاتل مصعب بن عمير عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قتل ، وراح قاتله يجري إلى قومه يخبرهم أنه قتل محمدا. وراحت قريش تجر أذيال الهزيمة ثانية ، حيث أن اللواء قد سقط على الأرض تطأه الأقدام .

رأى الرماة من فوق الجبل هزيمة المشركين ، وقال بعضهم : ما لنا في الوقوف حاجة . ونسوا وصية الرسول صلى الله عليه وسلم لهم ، فذكرهم قائدهم بها ، فلم يكترثوا بمقولته ، وسارعوا إلى جمع الغنائم . لاحظ خالد بن الوليد نزول الرماة ، فانطلق مع بعض المشركين والتفوا حول الجبل ، وفاجئوا المسلمين من الخلف ، فانبهر المسلمون وهرعوا مسرعين هاربين . وارتفعت راية المشركين مرة أخرى ، فلما رآها الجيش عاودوا هجومهم . ولقد رمى أحد المشركين حجرا نحو الرسول صلى الله عليه وسلم ، فكسرت رباعية الرسول عليه الصلاة والسلام ، كما أنه وقع في حفرة كان أبو عامر الراهب قد حفرها ثم غطاها بالقش والتراب ، فشج رأس النبي صلى الله عليه وسلم ، وأخذ يمسح الدم قائلا : كيف يفلح قوم خضبوا وجه نبيهم وهو يدعوهم إلى ربهم !

نادى الرسول في أصحابه قائلا : هلموا إلي عباد الله .. هلموا إلي عباد الله . فاجتمع ثلاثون من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجمع جيشه ونظمه ، ولحق بالمشركين ليقلب نصرهم هزيمة وفرحهم عزاء . فلما ابتعدوا أكثر فأكثر .. تركهم وعاد للمدينة .



وهكذا ، أدركنا أن من خالف أمر الرسول صلى الله عليه وسلم ، فلا يحسبن نفسه ناج من مصيره إلا إذا شمله الله برحمته التي وسعت كل شيء علما .
أكمل القراءة

غزوة بدر


غزوة بدر



سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بقافلة قريش قد أقبلت من الشام إلى مكة ، وقد كان يقودها أبا سفيان بن حرب مع رجال لا يزيدون عن الأربعين . وقد أراد الرسول عليه الصلاة والسلام الهجوم على القافلة والاستيلاء عليها ردا لما فعله المشركون عندما هاجر المسلمون إلى المدينة ، وقال لأصحابه : " هذه عير قريش فيها أموالهم فاخرجوا إليها " .


كان ذلك في الثالث من شهر رمضان في السنة الثانية للهجرة ، وقد بلغ عدد المسلمين ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا ، ومعهم فرسان وسبعون بعيرا . وترك الرسول عليه الصلاة والسلام عبد الله بن أم مكتوم واليا على المدينة . لما علم أبو سفيان بأمر النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه أرسل ضمضم بن عمرو الغفاري إلى أهل مكة يطلب نجدتهم . ولم وصل ضمضم إلى أهل قريش صرخ فيهم قائلا : " يا معشر قريش ، أموالكم مع أبي سفيان عرض لها محمدا وأصحابه لا أرى أن تدركوها " . فثار المشركون ثورة عنيفة ، وتجهزوا بتسعمائة وخمسين رجلا معهم مائة فرس ، وسبعمائة بعير .


جاءت الأخبار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قافلة أبي سفيان قد غيرت اتجاه طريقها ، وأنه سيصلها غدا أو بعد غد . فأرسل أبو سفيان لأهل مكة بأن الله قد نجى قافلته ، وأنه لا حاجة للمساعدة . ولكن أبا جهل ثار بغضب وقال : " والله لا نرجع حتى نرد بدرا "


جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه وقال لهم : إن الله أنزل الآية الكريمة التالية : (( و إذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنهما لكم و تودون أنّ غير ذات الشوكة تكون لكم و يريد الله أن يحق الحق بكلماته و يقطع دابر الكافرين ))


فقام المقداد بن الأسود وقال : " امض يا رسول الله لما أمرك ربك ، فوالله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى : (( قالوا يا موسى إنا لن ندخلها أبداً ما داموا ليها فاذهب أنت و ربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون ))


ولكن نقول لك : اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون . فأبشر الرسول عليه الصلاة والسلام خيرا ، ثم قال :


" أشيروا علي أيها الناس ( يريد الأنصار ) . " فقام سعد بن معاذ وقال :


" يا رسول الله ، آمنا بك وصدقناك وأعطيناك عهودنا فامض لما أمرك الله ، فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك ما تخلف منا رجل واحد" فقال الرسول صلى الله عليه وسلم : " أبشروا ، والله لكأني أنظر إلى مصارع القوم " .


وصل المشركون إلى بدر ونزلوا العدوة القصوى ، أما المسلمون فنزلوا بالعدوة الدنيا . وقام المسلمون ببناء عريش للرسول صلى الله عليه وسلم على ربوة ، وأخذ لسانه يلهج بالدعاء قائلا : " اللهم هذه قريش قد أتت بخيلائها تكذب رسولك ، اللهم فنصرك الذي وعدتني ؟ اللهم إن تهلك هذه العصابة اليوم فلن تعبد في الأرض " . وسقط ردائه صلى الله عليه وسلم عن منكبيه ، فقال له أبو بكر : " يا رسول الله ، إن الله منجز ما وعدك ".





قام المسلمون بردم بئر الماء - بعد أن استولوا عليه وشربوا منه - حتى لا يتمكن المشركون من الشرب منه . وقبل أن تبدأ المعركة ، تقدم ثلاثة من صناديد قريش وهم : عتبة بن ربيعة ، وأخوه شيبة ، وولده الوليد يطلبون من يبارزهم من المسلمين . فتقدم ثلاثة من الأنصار ، فصرخ الصناديد قائلين : " يا محمد ، أخرج إلينا نظراءنا من قومنا من بني عمنا" فقدم الرسول عليه الصلاة والسلام عبيدة بن الحارث ، وحمزة بن عبد المطلب ، وعلي بن أبي طالب . فبارز حمزة شيبة فقتله ، وبارز علي الوليد فقتله ، وبارز عبيدة عتبة فجرحا بعضهما ، فهجم حمزة وعلي على عتبة فقتلاه . واشتدت رحى الحرب ، وحمي الوطيس . ولقد أمد الله المسلمين بالملائكة تقاتل معهم . قال تعالى : (( بلى إن تصبروا و تتقوا و يأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين ))وهكذا انتهت المعركة بنصر المسلمين وهزيمة المشركين ، حيث قتل من المشركين سبعون وأسر منهم سبعون آخرون . أما شهداء المسلمين فكانوا أربعة عشر شهيدا . ولقد رمى المسلمون جثث المشركين في البئر ، أما الأسرى فقد أخذ الرسول صلى الله عليه وسلم أربعة آلاف 4000 درهم عن كل أسير امتثالا لمشورة أبي بكر ، أما من كان لا يملك الفداء فقد أعطه عشرة من غلمان المسلمين يعلمهم القراءة والكتابة . وهكذا انتصر المسلمون انتصارا عظيما بإيمانهم على المشركين الذين كفروا بالله ورسوله .
أكمل القراءة

كافة الحقوق محفوظة 2013 © لـ مدونة خواطر